13.02.2018
لنتعاطى بإيجابية مع الطروحات التي يمكن البناء عليها و التي قد تسهم في إعادة التموضعات السياسية و التي قد تسهم في ترتيب البيت الداخلي السوري، و كذلك الكردي.
عقدت الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي اجتماعها الاعتيادي ، و صدر عنها بيان ، من وجهة نظري يحمل عدة نقاط إيجابية تستحق التوقف ، بعيدا عن التشنج و الرفض المسبق
1 _ المجلس الوطني الكردي حيى تضامن الشعب الكردي مع عفرين ، و هو ما يعني ضمنا تحية المقاومين في عفرين ، و بالضرورة يعني أن المجلس هو مع هذه المقاومة قولا واحدا و ضد هذا العدوان قولا واحدا ( رغم أنه رسميا جزء منه/ يهاجم عفرين و يتمنى الهزيمة لنفسه و لحلفاءه) حيث جاء في البيان حرفيا [ حيت في هذا المجال تضامن أبناء الشعب الكردي مع أبناء عفرين في محنتهم]
2 _ اعتبر المجلس الوطني الكردي أن ما تتعرض له عفرين هو عدوان غاشم ، من قبل تركيا ، و ما أسمته بالفصائل المسلحة لما يسمى بالحكومة السورية المؤقتة ، حيث ينفي المجلس صفة ما كان يعرف بالجيش الحر عن هذه الفصائل و يؤكد التوافق الضمني بين خطاب المجلس و الخطاب الكردي العام الذي يؤكد بأن الفصائل التي تغزو عفرين هي فصائل مسلحة جهادية متحالفة مع الجيش التركي ، و بالمثل فإنه يريط بين هذا الثنائي و بين ما يمسى بالحكومة السورية المؤقتة ( التي يعتبرها المجلس إطارا شرعيا و هو جزء منها) ، و هذا الربط بين هذا الثلاثي يضع ملامح الأثافي الثلاث لموقد الإرهاب حيث جاء في بيان المجلس حرفيا [ جراء العدوان التركي و الفصائل المسلحة التابعة للحكومة السورية المؤقتة ]
3_ لأول مرة لا يستخدم المجلس تسمية الجيش الحر ، و هو ما يعني ضمنا أحد أمرين :
الأول – ان هذا المجلس وصل لقناعة بأنه لا شيء اسمه جيش حر إنما هناك فصائل جهادية ، كما أسماها ، و بالتالي البيان يمهد أرضية لبدء عملية شقاق فعلي بين المجلس و بين حاضنته الإرهابية الجهادية المتمثلة بهذه الفصائل التي تتصدرها جبهة النصرة و حركة أحرار الشام.
الثاني – أن المجلس يترك هامشا للمناورة ، و خطا للرجعة و الارتماء نهائيا في الحضن التركي الدافئ الذي تنبع منه رائحة البترودولار التركي القطري و ذلك من خلال تجنيب ما يسمى بالجيش الحر تبعات هذا العداون على عفرين و إبقاء الفصائل الجهادية في دائرة الضوء و الاتهام.
و عليه فإن المجلس مطالب بأن يميط اللثام عن مناورته اللفظية هذه ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
4 _ لم ينفي المجلس الوطني الكردي الرواية الرسمية لقوات سوريا الديمقراطية و الإدارة الذاتية في مقاطعة عفرين من أن الغزو و العدوان يستهدف المدنيين ، و يقتل الأطفال و النساء ، و يدمر البنية التحتية كالجسور و المدارس و استهداف القرى و البلدات و الأحياء الآهلة بالسكان ، و هو ما يتناقض كليا مع الرواية التركية التي يدور المجلس في فلكها ، و كذلك مع رواية الفصائل الجهادية التي يعتبر المجلس رسميا و حتى الآن جزء منه .
إن تأكيد المجلس لتعرض المدنيين من إطفال ونساء للقصف و كذلك تدمير البنية التحتية ، تعتبر شهادة و وثيقة رسمية صادرة عن جزء رسمي من هذا العداون و بالإمكان استخدامها كوثيقة إثبات في المحاكم الدولية ضد الغزاة ، و هي موقف متقدم للمجلس و موضع احترام ، حيث جاء في البيان و بالحرف [ تتعرض قراها قراها و بلداتها إلى القصف ، و يسقط المزيد من المدنيين ، و تدمر البنية التحتية ]
5 _ لأول مرة ، المجلس يخرج عن مسار المعارضة السورية ، و الائتلاف الوطني لقوى الثورة د و يعزف منفردا عنها رافعا سقف التحدي معها و مع تركيا ، من خلال دعوته لتدويل قضية عفرين و دعوته للدول ذات الشأن و الأمم المتحدة بالتدخل الفوري لإيقاف هذا العدوان على عفرين ، و هو ما يعني ضمنا أن المجلس يرغب في سحب البساط من تخت اقدام تركيا و المعارضة على حد سواء و وضع ورقة القضية الكردية على سكة التدويل و جعلها مادة أساسية على جدول أعمال الأمم المتحدة ( بغض النظر عن إمكانات الفعل لهذا المجلس ) ، و هو ما ستعتبره تركيا هزيمة كبرى فيما إذا حدث و ما سيعتبره الكرد نصرا سياسيا و دبلوماسيا يعادل كل الانتصارات العسكرية التي يحققها الكرد في أجزاء كردستان مجتمعة ، ذلك انه ستدخل قضيتهم حيز التدويل من بوابة عفرين ، التي راهن الأتراك على دفن الكرد في ذات البوابة و إنهاء هذه القضية مرة أخرى و إلى الأبد من هذه البوابة.
على ذلك فإن دعوة المجلس هذه بتدويل القضية الكردية من بوابة عفرين ، هي ايضا يمكن اعتبارها رسالة بالبريد المضمون ، بأن هذه المجلس يحزم حقائبه و يضع اللمسات الأخيرة لإقامة حفلة الوداع مع شركاءه في ما يسمى بالحكومة السورية المؤقتة و الفصائل الجهادية ، او هو يرسل إشارة استشعار لراعيه التركي ، ليلفت نظره ، على وجود هيكل عظمي اسمه المجلس الوطن الكردي و يحتاج لنفخة من روح .
في بند التدويل جاء في بيان المجلس حرفيا [ دعت الأمانة العامة مجددا الدول الأعضاء و الأمم المتحدة إلى التدخل لإنهاء معاناة أهلنا هناك و وقف هذه الحرب ]
المفارقة ان المجلس الوطني الكردي هو رسميا جزء من هذا العدوان ، و له ما لهذا العدوان من نصيب دم دماء ابناء عفرين و دجاجاتهم و جراراتهم ، كونه و حتى الآن هو جزء رسمي من الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية الذي يقف و يتبنى هذا العدوان ، و كونه يعتبر ما يسمى بالحكومة السورية المؤقتة إطارا شرعيا و كونه يعتبر ما يسمى بالجيش الوطني السوري الذي أسسته تركيا على أنقاض ركاب الباصات الخضراء جيشا رسميا يحظى بدعم المجلس الوطني الكردي ، و تلك الأطر المذكورة أعلاه هي الجهات الرسمية التي تغزو عفرين.
يبقى تجاهل البيان لمشاهد السلب و النهب ، و التمثيل بالجثث ، موضع استفهام هذه المرة ، لكن النقاط الأساسية التي أثارها البيان / الاجتماع فيها الكثير من الإشارات التي يمكن لمن يهمه الأمر تلقفها و البناء عليها و البدء بحوار جاء لإعادء هذا المجلس إلى الحاضنة الكردية ، و إزالة آثار بعض سياساتها الخاطئة التي أساءت لقواعده و وضعتهم في مواقف محرجة و أحبطت آمال هذه القواعد في الكثير من المحطات .
كذلك يمكن اعتبار البيان وثيقة إثبات دامغة على قاعدة ( و شهد شاهد من أهله ) حيث أن المجلس رسميا و حتى تاريخه هو جزء من هذا الغزو ، و عندما يعترف الجزء بهذه الجرائم ، و إدماج هذا الاعتراف بالوثائق و الأدلة العينية كمشاهد الفيديو و أضابير المشافي و تقارير المنظمات ذات الصلة ، سيكون هناك قاعدة بيانات فعلية قادرة على فتح دعاوي قضائية من شأنها تقديم المجرمين و الجناة للمحاكم و العدالة.
مصطفى بالي
مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية