بقلم بدرخان علي –
15.05.2018 –
كنتُ مع مقاومة عفرين البطلة ضد الغزو والاحتلال التركي الفاشي و حليفه / أداته الفاشي الاسلاموي المستتر بشعارات (الثورة)، وقطاع الطرق.
ورغم الهزيمة العسكرية ما زلت عند قناعتي العميقة هذه. . ليس من منطلق العناد وعدم الاعتراف بالخطأ .
بل إنها قناعة سياسية بالدرجة الأولى أكثر بكثير مما هي عاطفية.
لنتخيل أن هذه الفاشيات والعصابات احتلّت عفرين بدون مقاومة!
لنتخيل ماذا كنت سنقول حينها عن وحدات الحماية و قيادات عفرين: لقد باعوا عفرين للأتراك ! أليس كذلك.
هناك مأساة في عفرين ، يتحملها الاحتلال التركي ومسلحي الائتلاف العميل ( من أخوان وقاعدة ودرع أردوغان وقطاع طرق )، وليس المقاومة .
كل من تزحزح عن دعمه للمقاومة ، بعد الهزيمة العسكرية، أن يقيّم الحدث بنفسية ما قبل الهزيمة ، كيف كان يؤيدها وكيف كان متحمساً لها ، وأن يراجع الوقائع، و يعيد مشاهد ذاك التعاطف الشعبي الجارف مع المقاومة ضد الغزو والاحتلال ، داخل عفرين وخارجها… ليس صحيحاً أنها كانت “تصفية حسابات” بين( ب ك ك ) وتركيا على أرضنا كما يتفلسف البعض على قنوات حلفاء الإئتلاف العميل ومواقعهم الالكترونية.. . كانت دفاعاً مشروعاً ومحقاً عنا ..الوقائع والأحداث التي تلت انهيار المقاومة وسيطرة الاحتلال وعملاءهم على عفرين، وممارساتهم الانتقامية ضد السكان وخصوصية المنطقة ..كفيلة بتوضيح أهداف الغزاة والمحتلّين….
أتكلم هنا عن الوطنيّين الذين ما إن خسرت المقاومة عسكرياً ..بدأوا بالتراجع عن تأييدها…. وكيل الاتهامات لهذه الجهة أو تلك . كأن هناك من “ورطهم” في ذلك التأييد للمقاومة..مشاعر الإحباط مفهومة بعد الهزيمة العسكرية و مأساة أهلنا في عفرين…ونقد أداء إدارة عفرين أثناء الحرب وقبلها وجوانب منها كانت وما تزال محقة… و عندما أقول الوطنيين ، بالطبع لا أتحدث عمن يفتخر أنه “مكون مهم” من مكونات تلك الجهة “السورية” التي غزت ودمرت ونهبت وماتزال تنهب إلى جانب الجيش التركي، في عفرين ، ويفتخر أن له “التزامات مشتركة” مع تلك الجهة ” السورية” ويحلف أمامهم أنه مازال ملتزماً بها! ( تعبير ،” مكون مهم” ، و:التزامات مشتركة” ، هي من أفواههم) وقد وصلت الوقاحة والاستهتار وقلة الأدب والتشفي والحقد الأعمى ( والإخلاص ل” الالتزامات المشتركة” و العداء للمقاومة) إلى التنكيت والسخرية من بناء مخيمات للمهجرين من عفرين في مناطق ريف حلب الشمالي! ، أو من بقاء بعض الوجوه البارزة من قيادات عفرين بين أهلهم المهجرين !. لا أدري ما هو المضحك في ذلك. وما هو مبعث النكتة والسخرية هنا….. وأشد ما يزعج هؤلاء هو تأييد (غير الآبوجيين, أمثالي وهم بعشرات الألوف) للمقاومة ضد الاحتلال . لأسباب حزبوية عمياء عند بعضهم، أو ارتباطات مشبوهة، لم تعد مخفية لدى آخرين…..
وهنا استعير من الذاكرة بمعنى ما كتبه صديق ( ناقم بشدة على ب ي د وسياسته ومعارض مطلق له ، لكنه نزيه وغير عميل للإخوان المسلمين وإئتلافهم وأسيادهم الأتراك وليس له “التزامات مشتركة” مع الإئتلاف) : معركة عفرين هي المعركة المشرفة الوحيدة التي خاضتها ( وحدات الحماية/ ي ب غ ) . ( وأتحفظ بالطبع على كلمة وحيدة )
…..بعد كل هذا الإرهاب و الإجرام و اللصوصية من محتلي عفرين تجاه سكان عفرين وخصوصية المنطقة ، ينبغي أن يكون السؤال: ( كيف كنا سننظر إلى أنفسنا ، لو لم تكن هناك مقاومة ضد الغزو والبربرية والتوحش، ألم يكن هناك من يدافع عن كرامة وهوية أهل عفرين، نحن شعب ميّت بلا روح..ليس لنا أحد )..بدل سؤال: ( لماذا لم تسلم المنطقة للغزاة دون مقاومة ؟) بل قد يذهب البعض إلى ما هو أبعد، ( لماذا لم تستمر المقاومة في عفرين- المدينة حتى لو كلفت ما ستكلف!) .
لقد قتلت المقاومة الكثير من إرهابيي الأخوان والقاعدة وقطاع الطرق والمهزومين ( أمام عدوهم المفترض/ النظام) ، وكثير من الجيش التركي، وفخر هذا الجيش ، القوات الخاصة ( مع حسبان فارق التقنية والتسليح والإمكانات وكل شيء). هم يخافون من قبور شهداءنا، لأنها تذكرهم ، قبل أن تذكرنا، بالمقاومة .
مقاومة عفرين رعب لهم، حتى بعد هزيمتها عسكرياً.
احتلالهم لبلادنا ، لم يكن نزهة. و عفرين/ جبل الكرد الذي أنتج هذه المقاومة ، لن يبخل في تطوير وسائل وأدوات جديدة لمقاومة الاحتلال ومحو الهوية و الاعتداء على خصوصية المنطقة .
تعرضت عفرين لعدوان أكبر من حجمها و إمكاناتها ، ومؤامرة منسقة بين دول عظمى …لذلك الضريبة كبيرة ….لكن المقاومة كانت الخيار الوحيد في 20/1/2018 . كانت الجواب الضروري والأولي . وعفرين قالت كلمتها الواضحة ( عفرين ليست قاعدة للأخوان المسلمين والقاعدة وتمرّدهم الثاني اللعين في سوريا … ولن تكون.)
الاحتلال ومرتزقته …لا بد أنهم سيرحلون ( قد لا يكون ذلك قريباً للأسف) .. والجرح الكبير سيندمل ببطء..وستعود عفرين لأهلها ، جميلة كما كانت ، خالية من الأخوان والقاعدة و”الثوار” وإرهابهم وقبحهم وعملاء المخابرات التركية من إئتلاف وحكومة مؤقتة وما شابه .ولن تكون قاعدة للاخوان المسلمين.
ليس بالضرورة أن تكون القضية رابحة ، حتى أكون مناصراً لها… و الانسجام مع النفس ضرورة.
القضايا الرابحة لها أنصار كثر…. (وكما يقال للنصر آباء كثيرون، وللهزيمة أب واحد، أو الهزيمة يتيمة .)
شهداء عفرين وجرحى المقاومة وعوائل الشهداء من مقاومة ومدنيين ..رمز ونضال للمقاومة والحياة. وتاج على رؤسنا.
عاشت مقاومة عفرين العظيمة حدثاً سياسياً ( ومعنوياً) كبيراً… شهدته في حياتي ، بعيداً عن ترهات هذا الحزب أو ذاك ، في هذا المعسكر أو ذاك .