المرصد الكردي

بقلم شيرين بوزان

26.01.2021

لنبدأ بطرح الإشكالية بسؤال هل هي ظاهرة انتحار أم هو قتل العمد؟ وإن كان قتل العمد، لماذا الإعلام والمجتمع يحرفون الحدث على أنه ظاهرة انتحار
لست هنا بصدد تحليل أسباب القتل العمد أو ظاهرة الانتحار بقدر ما أريد إظهار لماذا هذا التحريف للحدث الحقيقي والإعلان عن ظاهرة ليست موجودة 80% في وضعنا الراهن .
في الآونه الأخيرة تتالت حالات قتل النساء تحت مسمى ظاهرة الانتحار، وانتشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي وحُرف الخبر بتحويل قتل العمد إلى ظاهرة انتحار.
هنا أنوه بأنني لا انكر وجود بعض حالات الانتحار كما سأتطرق إليها لاحقا، ولكن الحالات التي تحدث معظمها حالات قتل من قبل أفراد العائلة سواء كان هذا الفرد زوجاً أو أخاً أو أبا ً.
وكما هو معروف لدى مجتمعنا بأن قتل النساء كان مرتبط بقضايه الشرف ، ولكن الفرق الذي حدث إذا قارننا حالات القتل السابقة بما يحدث اليوم سنجد سابقاً كانت الأسرة تصرح علناً عن سبب القتل لنسائها أما الآن نجد هناك تعتيم وتضليل للإفلات من العقاب أمام القانون ،وهنا نلاحظ إزدواجية المجتمع التي لم تكن موجودة من قبل ، وهذا ما شوش على الإعلام الذي يجب أن يسلط الضوء على الحقائق ولا يروي ما يقوله الشارع دون التحقق منه. وطرح هذه الجرائم على أنها ظاهرة انتحار.
هذه الحالة وبحسب دراستها تعبير عن التحايل على القانون فتغيير القانون لا يعبر عن تغيير في الذهنية المجتمعية ونستطيع القول بانه ليس مجرد تغييرا بقدر ما هو تحولا جذريا للبنية الاجتماعية التى أدت الى هذا الشرخ بين جيلين لأسباب كثيرة منها حالة الحرب و تطور التكنولوجيا والنزوح الذي حدث مما جعل جيل البنوة يتأثر بمحيطه الجديد وعدم استيعاب أخلاقيات المجتمع التي يفرضها جيل الأبوة وتفاوت تلك الأخلاقيات بما حول جيل البنوة من الاعلام المقروء والمكتوب والمسموع . وهذا أدى الى الشرخ الملحوظ بين الجيلين وارتكاب جيل البنوة ما لا يروق للآباء.
وبخصوص ظاهرة الانتحار عندما طرحت من قبل الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفس لم تكن مقتصرة على النساء فقط كما هو الحال في وضعنا الراهن ، وإنما كانت ظاهرة بشكل عام ولها تداعياتها الاجتماعية والنفسية ، ولكن هذه الحالات التي تحدث الآن معظمها لا تملك أدلة على إضطرابات نفسية للنساء المنتحرات كما يروج البعض .
مما نلاحظ حسب الحالات بأنهن كانوا اسوياء ولكن يتعرضن للعنف المباشر من قبل الأسرة مما يؤدي إلى اقدامهن على الانتحار.
لذلك حتى أسباب الانتحار المعروفة لدى الطب النفسي وعلم الاجتماع لا تنطبق على الحالات التي حدثت في الآونة الاخيرة .
وبمعنى آخر نستطيع القول بأن وعي المرأة هو من قادها إلى الانتحار ، فإذا عدنا إلى الأعوام السابقة ، سنجد بأن المرأة كانت ترى العنف الذي يمارس عليها كجزء من حياتها الطبيعية كما صور لها ذلك مجتمعها.
لذا كانت تستطيع تحمل العنف ، ولكن بعدما حدث وعي بحقوقها الطبيعية لم تعد تؤمن بأن العنف جزء من حياتها الطبيعية.
ولهذا السبب أقول: أن وعي المرأة بحقوقها خلق مشكلة التحايل على القوانين لتنفيذ جرائم الشرف ومن ثم حدوث زيادة واضحة في نسبة الانتحار وهو في حقيقته نحر وليس انتحار.
الخلاصة هناك حالتين حدثت في الفترة الأخيرة حالة قتل العمد وحالة انتحار وكانت أكثرية النسبة للقتل العمد اذاُ لا يجوز تحريف الحالات واختلاق ظاهرة ليست بكثيرة للتعتيم على ظاهرة أخرى
وهذا التحريف يساعد المجرمين في الإفلات من العقاب ولا يجوز للإعلام المشاركة في هذه الجريمة طالما وظيفة الإعلام الحقيقية هي إظهار الحقائق وجعل الحقيقة عارية من الالتباسات .

الإعلان