المرصد الكردي ـــــــ
بقلم : د . ابراهيم الشدادي ــــــ

السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هذه الايام مفاده ما مدى الحكمة والصوابية السياسية وليست الاخلاقية في حال لجوء (قسد ) الى التفاوض مع النظام ؟؟
علما قسد يمتطي أيديولوجيا سياسية لا تثير حفيظة النظام السوري في العديد من النقاط, ومنها عدم طرح الحقوق القومية للمكون الكردي بمعزل عن باقي الاشكاليات الادارية والسيادية والاجابة من الناحية النظرية والعاطفية بلا ريب سوف تكون مثقلة بالعواطف والاحكام المسبقة, ومرتعا للجهات التي تتخذ المزايدات نهجا لها , ولا سيما هذا النظام ( اي النظام السوري ) قابع على ذاكرة مثقلة من الدماء والعنف والدمار والمفقودين وسياسات الاعتقال العشوائي و الاخفاء القسري والسحل الحافل بالتعذيب والقتل وسياسة الارض المحروقة والبراميل المتفجرة والتهجير والنزوح والحصار والتجويع ….الخ , وبالإضافة الى ذلك لم يتخلى عن نزعته الشمولية الاستبدادية القائمة على اقصاء الاخر والغائه حتى في خطابه الارتجالي القبيح بمجمله , وما زال يستقوى بالظروف الدولية والمجتمع الدولي الذي ابى ان يسقط الشرعية عن هذا النظام السياسي القمعي بذريعة انعدام البديل , وبالمناسبة لا يمكن معاتبة المجتمع الدولي في هذه النقطة كون المعارضة وصلت بها الحال المتاجرة باتباعها. وبيعهم كمرتزقة في أذربيجان وليبيا ….الخ , كيف يمكن للمجتمع الدولي ان تثق بهكذا معارضة ؟؟ !!! ولذلك المعارضة السورية بشتى توجهاتها لم يتمكن من اضعاف شرعيته( اي النظام ) ناهيك عن انتزاعه , لانها مجرد عصابات تتخذ من السياسة ستارا لها , وهي مفضوحة بطائفيتها وعنصريتها وأجرامها امام المجتمع الدولي اكتر من النظام نفسه , فالقوة الاقليمية الوحيدة المساندة لها تقتصر على تركيا المحتوية للمعارضة لا بل المعارضة متماهية معها لدرجة لم نعد نميز بين ما تقررها تركيا وما تصرح به المعارضة , ومع ذلك مازالت تتعاطى ( اي تركيا ) مع السوريين عبر بوابة النظام الدبلوماسية دون غيرها ! فالسياسة التركية اصلا تعلم تماما ان القوى العظمى امريكا وروسيا وحتى ايران لن ترضى ان تكون هكذا معارضة بديلا للنظام حيث ان هذا الامر بما معناه تسليم اردوغان قصر جمهوري اخر في قلب دمشق ! فما المطلوب من قسد ؟ وما هي جهة الصواب الذي ينبغي ان تتوجه لها ؟؟ لا شك من حيث الواقعية التوجه الى النظام هي البوابة آلاقرب الى الصواب والمنطق ليس لكل ما ذكر آنفا فحسب بل المعارضة السورية تتسم بنفس الخصائص العنصرية والاستعلائية وإقصاء الاخر بل خطاب المعارضة لم يعد يحمل العنصرية الموروثة من النظام فحسب بل اضافت الى خطابها العنصرية التركية ايضا حيال الكورد ومطالبهم في العيش بكرامة مثل سائر شعوب االمنطقة فضلا على الارتهان المطلق لتركيا التي ترفض الحقوق الكردية جملة وتفصيلا ! ا ولهذا وذاك ارى داعيا للحرج كرديا في مضمار المقارنة بين النظام ومعارضته العتيدة , حيث ان النظام قبل الازمة وما يسمى بالثورة السورية صرح مرارا ان الكورد جزء من النسيج السوري , والمعارضة لم تتفوق على مضمون هكذا ادعاء رغم بؤسه ! علما المعارضة بدورها لا تمتلك من مواضع قوة المنع والمنح سوى التصريح اللفظي الارتجالي فقط ! وبضعة ميليشيات عصاباتية لا تتحكم بقراراتها انما تخضع للقرار التركي العنصري المقيت حيال الكورد وحقوقه الثقافية ناهيك عن الحقوق القومية المشروعة, فالمعارضة والنظام وجهان لعملة واحدة كرديا , تلك المعارضة الحضارية المؤمنة بالتعددية وقبول الاخر تتباهى بالمنة والفضل على الكورد باحتضانها عدة وجوه سياسية كردية مثخنة بالفشل والانتهازية والصمت المريب حيال ما يتعرض له الكورد تحت سيطرة حلفائها , وفي الوقت ذاته النظام ايضا يحتضن عدة وجوه كردية قميئة اكلتها صدآ. الانتهازية , وللعلم يمتلكون حرية التصريح والطرح اكثر مما عليها لدى المعارضة ذاتها , اما مسالة التعويل والرهان على القرار الروسي والأمريكي عبارة عن ضرب من الرجس والازلام قد تصيب وقد تخيب , والأصابة مرهونة بجملة ظروف وسياسات ومصالح قوى العظمى, وهي بالأساس خارجة عن ارادة النظام والمعارضة والكورد معا , وبالتالي من الحماقة والجهل الرهان على خلافات الامريكية التركية او الروسية التركية او الجميع مجتمعة , بوبالمناسبة تركيا تستمد ثقتها وقوتها من اطلالتها على البوابة الاوربية , التي تمنحها من اوراق القوة والضغط ما تكفي لتركيع اوربا بين عشية وضحاها ! ولا يسعنا المجال لذكرها في هذا السياق ,فضلا على ذلك السياسة الاوربية الغارقة بالميكافيلية , والقائمة على المبادئ العلمانية المفترسة واولى اولوياتها الاقتصاد ثم الاقتصاد , وما يرافقها بالبروباغندا الاستعراضية للمبادئ الأخلاقية المتعلقة بالقيم الاوربية كالديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق الشعوب والامم الا عبارة عن رتوش كمالية بغية تجميل الصورة الظاهرية لوجه اوربا الناعم , وفي كل الاحوال الاحتمالية والافتراضية يبقى النظام بكل اجرامه من اهم الفرقاء الاقوياء في المعضلة السورية و برضى المجتمع الدولي وتحت مظلة القوى العظمى المستعرشة على الخارطة السورية والداعية ليلا ونهارا الى الحفاظ على وحدة الاراضي السورية وسلامتها ! ومن يدعي القدرة على الغاء النظام بجرة قلم ربما لم يشم تحت ابطه بعد , وهذا ليس دفاعا عن النظام لان كاتب هذه الاسطر مجرد من الخقوق المدنية قبل الثورة المزعومة بعدة سنوات , والمهم مما يشي لنا ان المرحلة المقبلة تركيا سوف تدفع المعارضة حبا و كرها باتجاه النظام املا في الحفاظ على مصالحها مع القوى العظمى بالحد الادنى وحفاظا على ماء الوجه بمعناه الاحتيالي والانتهازي المقيت معا , وللعلم لو توافرت حاضنة سياسية كردية تتعاطى مع الاتراك بصورة التي تتعاطى معها المعارضة السورية العربية لا استبعد ان تساندها الاتراك اكثر مما تساند غيرها في سبيل بسط نفوذها على المحافظات السورية المطلة على الحدود بما فيها دير الزور ايضا , وللعديد من الاعتبارات يأخذها الاتراك بالحسبان مستقبلا والفشل السياسي الكردي دفعت بالاتراك الى انتهاج سياسة التغيير الديمغرافي , وربما هذا الامر يفسر لنا سر رهان المجلس الوطني الكردي والتمسك بالسياسة التركية على وضعية الصامت حيال ما يحدث رغم خطورته وسر حساسيته المفرطة حيال الاحزاب الكردية خارج مظلتها ( الوحدة والتقدمي ) لانهما ينتهجان الشفافية وشجاعة الطرح كما يبدو من ممارستهما السياسية في ظل الوضع الحالي , وبما ان المجلس الموقر مفلس سياسيا واخلاقيا و لا يمتلك الارادة السياسية اولا , ولا شجاعة المجازفة ثانيا , ولا الخبرة السياسية ثالثا , ولا الكارزما والقدرة على التاثير الجمعي رابعا , ويحمل في ثناياه عيوب البغلة العرجاء , لذلك يفتقر الحاضنة الشعبية الكفيلة في تطبيق هذه المقامرة التي باغتت الحراك السياسي الكردي على حين غرة ! مما يؤكد لنا ان المجلس العتيد لن يتعدى دوره مجرد كومبارس يشوه المشهد اكثر مما يكون اضافة فارقة للحياة السياسية الكردية في المنطقة !